كشف الرئيس جو بايدن عن أجندة طموحة لدعم الاقتصاد ومكافحة «كوفيد-19»، غير أنه سيصطدم بمعارضة كل من «الجمهوريين» وبعض «الديمقراطيين» المعتدلين في مجلس الشيوخ. وبالتالي، فإنه يواجه اختياراً صعباً: إما صياغة توافق يحظى بقبول الحزبين، أو محاولة تمرير مشروع قانون عبر المجلس في عملية تصويت وفق خطوط حزبية. وعليه، فيجدر به السعي وراء توافق، وخاصة أن بايدن يمكنه منح الاقتصاد الدعم الذي يحتاجه بدون الحصول على كامل المبلغ 1.9 تريليون دولار للإنفاق، الذي ينص عليه المقترح الذي أُفرج عنه في وقت سابق من هذا الشهر. كما يمكنه فعل ذلك بالتوازي مع بناء رصيد سياسي إضافي وليس استنفاد رصيده. وغني عن البيان أنه إذا كانت هناك حاجة لمزيد من حزمات الإغاثة الاقتصادية مستقبلاً، فإنه سيحتاج لدعم سياسي. 
في الوقت الراهن، يمكن لبايدن نفض الغبار عن اتفاق ممكن كان ينبغي أن يبرم الصيف الماضي، ويقضي بمقايضة حماية مؤقتة من المسؤولية للشركات ضد دعاوى قضائية متعلقة بالفيروس بمساعدات فدرالية للحكومات المحلية وحكومات الولايات.
خطة بايدن من شأنها إنشاء برنامج وطني للتلقيح، وزيادة فحوصات «كوفيد-19»، ومحاولة إعادة فتح المدارس. كما من شأنها توفير شيكات تصل قيمتها إلى 1400 دولار للأفراد، وتقوية شبكة السلامة الاجتماعية، وزيادة إعانات البطالة. ومن شأنها أيضاً دعم المؤسسات التي توفر رعاية الأطفال، وتوفير مساعدة بخصوص الإيجارات، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 دولاراً للساعة. 
والواقع أن إحدى الاستراتيجيات التي يمكن لبادين أن يتبعها، تتمثل في الاعتراف بأن هناك زخماً يُبنى ضد خطته ومحاولة تمريرها بسرعة عبر إجراءات تتطلب 50 صوتاً فقط في مجلس الشيوخ. وباعتباره رئيساً منتخباً جديداً، فالأرجح أنه سيكون قادراً على الضغط على كل «ديمقراطيي» مجلس الشيوخ الخمسين للتصويت معه. وبعدئذ، تستطيع نائبة الرئيس كمالا هاريس كسر التعادل في الأصوات. 
غير أن ذلك سيكون خطأً سياسياً واقتصادياً. إذ سيعني أن التزامه بالسعي للتوصل لاتفاقات بين الحزبين مجرد كلام انتخابي وحسب، ما سيمنح «جمهوريي» مجلس الشيوخ ذريعةً لتجنب التعاون معه مستقبلاً. كما أن ذلك سيزيد من صعوبة تمرير بايدن لحزمة إغاثة اقتصادية أخرى في وقت لاحق من العام. وشخصياً، أعتقدُ أنه لن تكون هناك حاجة إلى حزمة إغاثة، غير أنه إذا شهد الفيروس طفرةً وكانت اللقاحات أقل فعاليةً ضد السلالات الجديدة، أو اختار عدد قليل من الناس فقط تلقي اللقاح، فإنه قد تكون ثم حاجة لها. 
ولحسن الحظ، ما زال البيت الأبيض يدفع في اتجاه حزمة تحظى بدعم الحزبين، وتستطيع بلوغ عتبة الستين صوتاً الفعالة بالنسبة لمعظم التشريعات في مجلس الشيوخ. فيوم الأحد، التقى مستشار البيت الأبيض الاقتصادي بريان ديز مع مجموعة من 16 سيناتوراً من كلا الحزبين ضغطوا عليه بشأن حجم مقترح بايدن. 
وفي الأثناء، يناقش بعض أعضاء الكونجرس مشاريع قوانين أصغر يمكن أن تتطلب 60 صوتاً في مجلس الشيوخ. ويتمثل أحد الاقتراحات في التركيز على توزيع اللقاحات وحشد قدرات إجراء الفحوصات فقط، ربما إلى جانب جولة أخرى من الشيكات المباشرة الموجهة إلى الأسر ذات الدخل المنخفض. 
غير أن ذلك يعكس إفراطاً في الحذر. وإذا كان بايدن يرغب حقاً في مساعدة الاقتصاد وفي الوقت نفسه التأسيس لرقم قياسي كعاقد للصفقات التي تحظى بدعم كلا الحزبين، فينبغي له أن يقنع الجمهوريين والديمقراطيين بالموافقة على مقايضة المساعدة للحكومات المحلية وحكومات الولايات بحماية مؤقتة من المسؤولية. 
ذلك أن الشركات في حاجة إلى ضمانات معقولة بأنها إذا أبانت عن حسن نية وقامت بحماية عمالها من الفيروس عبر محاولة اتباع توجيهات الصحة العامة، فإنها لن تقع ضحية دعوات قضائية انتهازية. والكونجرس ينبغي ألا يقدّم حصانةً شاملة، والإهمال الجسيم ينبغي أن يستوجب العقاب. كما ينبغي أن تنتهي مدة صلاحية الحماية المؤقتة من المسؤولية عندما ينحسر الوباء، وهو ما من شأنه أن يساعد الاقتصاد على التعافي بسرعة أكبر من خلال تقوية الإنتاجية والإبداع والربحية. 
الديمقراطيون لا تعجبهم الحماية من المسؤولية، والجمهوريون لا يعجبهم تخصيص مساعدات للحكومات المحلية وحكومات الولايات. لكن هذا الاتفاق كاد يبرم خلال الصيف والخريف الماضيين، وينبغي على بايدن أن يسعى لتحقيق ذلك الآن. 
وإلى ذلك، ينبغي للرئيس أن يدرج برامج التلقيح والفحوصات، وإعادة فتح المدارس، وتقوية شبكة السلامة. لكن عليه أن يبقي الحزمة عند حجم يمكنه الفوز بدعم 60 صوتاً في مجلس الشيوخ، والتخلي عن العناصر التي لن تدعم الاقتصاد، مثل رصد شيكات للأسر ذات الدخل المرتفع ومضاعفة الحد الأدنى للأجور. وهذا من شأنه أن يذهب إلى أبعد مما يريده الجمهوريون. كما من شأنه أن يخيّب آمال اليسار السياسي. لكن ذلك هو ثمن التوافق السياسي بين الحزبين، وقريباً سنرى إن كان ذلك الثمن باهظاً جداً أم لا بالنسبة للرئيس الجديد.

مايكل استيرن

مدير دراسات السياسة الاقتصادية بمعهد «أميركان انتربرايز» في واشنطن
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»